الجمعة، 1 أغسطس 2008

معلومـــات عن الراب ...

انتشرت موسيقى الراب اليوم بأشكال ولهجات مختلفة في كافة أنحاء العالم، من ضواحي مدينة كانساس سيتي إلى أزقة القاهرة وشوارع الجزائر. واحدة من أعرق الجامعات الأميركية وضعت مشروعا يفضي إلى وضع منهجية علمية لدراسة الموضوع بوصفه ظاهرة ثقافية.


موسيقى الراب التي كانت لأكثر من ثلاثين عاماً تيارا شبه مجهول محدوداً ضمن نطاق ضيق من الأميركيين من أصول أفريقية أصبحت اليوم أكثر انتشاراً من موسيقى الروك أند رول


ظاهرة ثقافية عالمية

وتقدَّم موسيقى الراب اليوم في أشكال ولهجات مختلفة في كافة أنحاء العالم، من ضواحي مدينة كانساس سيتي إلى أزقة القاهرة. ولكن إن لم يكن ذلك سببا كافيا لإقناعك بأهمية موسيقى الراب ومدى انتشارها، فما عليك إلا أن تتأمل ذلك النشاط المميز في مدينة بوسطن بولاية ماستشوستس حيث بدأت جامعة هارفارد Harvard University، وهي أعرق الجامعات الأميركية، مشروعا يستمر لخمس سنوات يهدف لبناء أول أرشيف لموسيقى الهيب هوب على الإطلاق. وتأمل الجامعة في نهاية المطاف أن يفضي المشروع إلى منهجية علمية لدراسة الموضوع بوصفه ظاهرة ثقافية. يقول لورانس باركر أحد أول نجوم الراب الأوائل والذي كان يُعرف باسم كيه أر أس-وان KRS-One: "موسيقى الهيب تتجاوز الترفيه. إنها سلوك ووعي ومنظور لرؤية العالم". وباركر هو رئيس مؤسسة الهيب هوب في ولاية نيوجيرزي، وهي منظمة تُعنى بدراسة ثقافة الهيب هوب وترويجها. وتنبع مثل هذه القوة من نجاح الهيب هوب وينبغ النجاح من العواطف والمشاعر التي تتجاوز الموسيقى. فموسيقى البوب الأميركية تطورت عبر مراحل عدة: من موسيقى البلوز إلى الروك إلى الراب. وكان لكل من هذه التيارات تفرعات متعددة. وفيما ضلّتْ موسيقى الروك سبيلها وبدت شاحبة بعض الشيء، بدأ الشباب يبحثون عن مصدر جديد للتمرد وعن صوت جديد للنزاهة، صوت يحتفي بالقيم الأميركية في شأن العصامية، وإمكانية النجاح رغم العوائق.

كان مطربو الراب في تلك الأثناء أشخاصا عركتهم حياة الشارع وواجهوا كل المصاعب التي اعترضت طريقهم لبيع الموسيقى التي آمنوا بها.



نيويورك أرض المولد

لقد وُلدت موسيقى الراب في حي برونكس في مدينة نيويورك، وهو حي فقير كانت تقطنه أغلبية من الأميركيين من أصول أفريقية في السبعينات. وكانت البداية في عام 1974 عندما استعار دي جي من جامايكا يُدعى كول هيرك أسطوانات موسيقى الصول Soul والريغاي Reggae التي كان يبثها في حفلاته وأخذ يتعامل معها بما يمكن وصفه بتمرير الأسطوانة إلى الأمام وإلى الخلف تحت إبرة الجهاز لخلق إيقاعات جديدة. ثم أسس فرقة جديدة باسم هيركولوردز Herculords دَمَجَت ما بين التمرير والغناء المرتجل. وأصبح هذا هو جوهر موسيقى الراب. ويفخر مطربو الراب بما يقدمونه من أدوار غنائية سريعة، كما أصبحوا أبطال المبارزات الغنائية في الحفلات حيث كان يتم الحكم عليهم وفقا لقدرتهم على صوغ كلمات زجل مرتجلة تتماشى مع أنغام الموسيقى التي كان الحاضرون يستمعون إليها. هذه المعارك الغنائية لا تزال مستمرة إلى يومنا هذا فالشعر الذي ساد في الأحياء الفقيرة في المدن الكبرى تمتلئ في ثناياه رسائل قوية تتضمّن أصوات احتجاج ضد النظام الاجتماعي والسياسي الذي لا يبدو أن موسيقيي الروك مهتمين بتناوله في أعمالهم الفنية. وفي الواقع، وفيما كانت موسيقى الروك تترنح تحت وطأة القلق المشوب بالذنب الذي يعيشه سكان الضواحي والذي يبرز في موسيقى الغرونغ Grunge لفرق مثل نيرفانا Nirvana وبيرل جام Pearl Jam في التسعينات، كانت موسيقى الراب تكشف على مسامع العالم حقائق الفقر في أميركا.

طبيعة موسيقى الراب القوية والمباشرة دفعت الشباب الأميركي، الباحث عن مثال جديد يصوغ حوله هويته، إلى التعلّق بها. ولم يقتصر الأمر على الشباب الأميركي فحسب، فقد بدأ العالم أيضا يلاحظ حضورها على الساحة الفنية، فالجميع يحبون الناجح خاصة إذا ما عبّر عن ذاته بأمانة وصدق، وميّز في غنائه بين الطيب والخبيث ليختار كل شخص ما يريد وينبذ ما لا يريد. لقد كانت جرأة الراب هي السبب في لفت نظرالعالم إليها، وكانت بادئ الأمر بمثابة جرس إنذار لمعظم الفئات في المجتمع الأميركي



وقد جاء الخوف والذعر في بداية الأمر من سياق كلمات الأغاني التي اعتبرها النقاد عنيفة ومضادة للمرأة. وعُرف ذلك الشكل الموسيقي باسم راب العصابات Gangsta rap. وفي أوائل التسعينات أثار مطرب الراب آيس-تي Ice-T جدلا بسبب كلماته التي حثت على العنف ضد رجال الشرطة، مما أدى بقسم التسجيلات الموسيقية بشركة تايم وارنر الكبرى والحريصة على سمعتها التجارية، والتي كانت تعمل في مجال الموسيقى الرائجة، إلى الانسحاب كلية من مجال موسيقى الهيب هوب. كما بدأت حملة ذات توجه أخلاقي، كان على رأسها سي ديلوريس تاكر وهي أميركية من أصول أفريقية، ضد تلك الموسيقى، أو ما يُعرف بشعر الضواحي الجريء. وسرعان ما أنضم إلى ديلوريس تاكر رهط من الساسة المشهورين. وأُلقي القبض على مطرب للراب يُدعى لوك سكاي واكر في ولاية فلوريدا واتُهم بأن كلمات أغاني فرقته تو لايف كرو 2 Live Crew تعتبر للآداب. وصاحب ذلك صدور قانون جديد يلزم شركات الموسيقى بوضع صقات تحذيرية على ألبومات الموسيقى التي قد تشعر الحكومة بأنها "ملائمة للبالغين الكبار فقط" وتؤثر سلباً على المراهقين. في هذه الأثناء، بدأت كلمات العنف التي تحتويها بعض الأغاني تنعكس على الحياة العملية، وتم اغتيال عدد من النجوم البارزين مثل 2pac shakur و notorious BIG فيما تنافس جناحا عصابتين، واحدة منهما في الشرق وأخرى في الغرب الأميركي، من أجل الهيمنة على الساحة


ويعتبر تأثير موسيقى الراب اليوم واضحاً وقوياً ولا يمكن إهماله. فقد بدأ الكثير من مغنيّ الراب البيض في الدخول إلى الميدان في الثمانينات. وكانت البداية من نصيب فرقة بيستي بويز The Beastie Boys وهي فرقة نشأت في مدينة نيويورك ونالت شهرة كبيرة في منتصف الثمانينات. ثم ظهرت فرق أخرى مثل ليمب بيزكيت Limp Bizkit ومغنيين مثل كيد روك الذين قاموا بمزج الهيب هوب وموسيقى الروك ووصلوا بهذا المزيج إلى قمة عالم الموسيقى. ويتمتع منتج ومطرب الريثم أند بلوز الشهير r.kelly الذي اشتهر بأغنيته I Believe I Can Fly بشهرة واسعة في عالم الراب. وفي هذه الأثناء، يُعد إيمنيم Eminem ، وهو مطرب راب أبيض من مدينة ديترويت، أكبر اسم في عالم الموسيقى اليوم إذ باع أكثر من 20 مليون قرص مدمج حول العالم في 2003. وجاء ذلك في أعقاب الفيلم الذي يصور حياته والذي لعب فيه دور البطولة: فيلم "8 أميال" 8 Mile.


هل يجتمع الفن والمال؟

وكل ذلك يجعل من الهيب هوب أكثر أشكال الموسيقى الأميركية جلاء. فالنجوم ليسوا أطفالا مدللين، بل هم ممن عركتهم حياة الشارع وقد جاؤوها إلى هذه الموسيقى من بيئات معدمة، قاهرين كل العوائق حتى أصبحوا من كبار المليونيرية. ويمثل هذا جوهر ما سيؤول إليه مصير موسيقى الهيب هوب. فالنزعة التجارية ستقضي على روح ثقافة الهيب هوب على نحو أسرع بكثير مما قدمه صفاء توجهها الذي صنع مجدها. يقول ويليامز من ميوزيك تشويس: " تكمن المشكلة الآن في غياب التميز، فقد أصبح الجميع متشابهين إلى حد يبعث على الضجر. لم يكن الأمر هكذا دائما. بيد أن للهيب هوب القدرة على تجديد نفسها على الدوام، ولا أظن أنها ستندثر".


ليست هناك تعليقات: